شُكْراً أَصْدِقائي الْأَقْلَامَ
عادَ سِمْسِمُ مِنَ الْمَدْرَسَةِ مَساءً. تَناوَلَ عَشَاءَهُ وَأَنْجَزَ واجِباتِهِ الْمَدْرَسِيَّةَ. نَظّفَ أَسْنانَهُ وَذَهَبَ لِيَنامَ. تَذَكَّرَ أَنَّهُ لَمْ يَضَعْ أَدَواتِهِ فِي الْمِحْفَظَةِ، وَلَمَّا عَادَ إِلى مَكْتَبِهِ سَمِعَ وَرَقَةً بَيْضَاءَ تَشْتَكي لأُخْتِهَا وَتَقولُ : لِماذا نَحْنُ - الْأَوْرَاقَ الْبَيْضَاءَ - لَنا نَفْسُ الشَّكْلِ وَالْمَنْظَرِ ؟ كُلُّ الْأَدَواتِ الْمَدْرَسِيَّةِ الْأُخْرى، لَها أَلْوانٌ وَأَشْكالٌ تُمَيِّزُها. أَلَا يُمْكِنُ أَنْ نَتَغَيَّرَ؟ رَدَّتْ عَلَيْهَا أُخْتُهَا: اِذْهَبي عِنْدَ زَميلِنا قَلَمِ الرَّصاصِ وَاسْأَلِيهِ، لَعَلَّهُ يُساعِدُكَ.
ذَهَبَتِ الْوَرَقَةُ الْبَيْضَاءُ عِندَ قَلَمِ الرَّصاصِ، وَأَخْبَرَتْهُ بِسَبَبِ حُزْنِها. ابْتَسَمَ الْقَلَمُ وَقَالَ : أَنْتِ جَمِيلَةٌ بِهَذا اللَّوْنِ الْأَبْيَضِ، لَكِنْ يُمْكِنُ أَنْ أُغَيِّرَ شَكْلَكِ إِنْ وافَقْتِ عَلى ذَلِكَ. صاحَتِ الْوَرَقَةُ : هَيّا غَيِّرَ شَكْلي ! رَسَمَ قَلَمُ الرَّصاصِ عَلَى الْوَرَقَةِ وَجْهاََ عَلَى شَكْلِ دائِرة لَهُ عَيْنَانِ واسِعَتانِ وَفَمٌ مُبْتَسِمٌ، وَأَنْفٌ بارِزٌ, ثُمَّ قالَ لَها : ما رَأْيُكِ الْآنَ؟ ضَحِكَتِ الْوَرَقَةُ وَقَالَتْ: يا إِلَهي ! لَقَدْ تَغَيَّرَ مَنْظَري. شُكراً لَكَ أَيُّهَا الْقَلَمُ ! وَلَكِنْ هَلْ يُمْكِنُكَ أَنْ تَجْعَلَ مَنْظَرِي أَحْسَنَ؟ قَالَ قَلَمُ الرَّصاصِ : اِذْهَبي عِنْدَ الْأَقْلامِ الْمُلَوَّنَةِ لَعَلَّها تُساعِدُكِ.
ذَهَبَتِ الْوَرَقَةُ عِنْدَ الْأَقْلامِ الْمُلَوَّنَةِ وَأَخْبَرَتْهَا بِقِصَّتِها، فَضَحِكَتْ وَقَالَتْ: ما اللَّوْنُ الَّذِي تُفَضِّلِينَهُ؟ أَجابَتْ أُحِبُّ لَوْنَ الْبَحْرِ في الصَّيْفِ ولَوْنَ الشَّمْسِ في الشِّتاءِ. لَوَّنَتِ الْأَقْلامُ الْمُلَوَّنَةُ وَجْهَ الْوَرَقَةِ بِالْأَصْفَرِ، وَلَوَّنَتْ عَيْنَيْها بِالْأَزْرَقِ.
نَظَرَتِ الْوَرَقَةُ إِلى وَجْهِهَا، وَفَرِحَتْ كَثِيراً بِشَكْلِها الْجَديدِ، وَتَبَدَّلَ حُزْنُها سَعادَةً، فَقَالَتْ : شُكراً جزيلاً أَيَّتُهَا الْأَقْلَامُ الْمُلَوَّنَةُ ! بِفَضْلِكُمْ صَارَ مَنْظَرِي أَحْسَنَ وَلَوْنِي أَجْمَلَ. سَمِعَ سِمْسِمُ حَدِيثَ الْوَرَقَةِ فَقَالَ لَهَا : سَأُزَيِّنُ بِكِ حُجْرَتي، ثُمَّ وَضَعَها في إطارٍ وَعَلَّقَهَا أَمَامَهُ عَلَى الْجِدارِ.